طارق علي حيدر
اليمن
أشهر طويلة مرَّت على طارق وهو يُمزِّق أوراق التقويم السنوي المعلّقة على حائط غرفته دون أن يقضي منها يوماً واحداً على مقاعد الدراسة، كثيرة هي المرات التي عزم فيها على التوجُّه إلى الجامعة رغم المخاطر والتحذيرات، سلك تلك الدروب كثيراً ولكنه لم يصل أبداً، بسبب الحرب.
أراد طارق أن يسخِّر كل ما جمعه على مرِّ السنين لينقذ أطفال بلده من الجهل. قيَّم معارفه وقدراته واتّخذ القرار: تطبيق إلكتروني مجاني لتعليم اللغة الإنجليزية.
ولكنه طريق طويل أدرك طارق صعوبته منذ البداية، من أين يبدأ؟ فطالب الإعلام، الذي لم يتخرَّج بعد، لا يملك -إلى جانب عزمه وقراره- إلا خبرة بسيطة في البرمجة لم تمكِّنه إلا من اجتياز الخطوات الأولى، وعلى الرغم من هذا قرر أن يسلك الدرب هذه المرة حتّى النهاية متجاوزاً المعوقات.
في أوائل العام 2018، وهو يهرب إلى أخبار الأصدقاء على فيسبوك من ضجيج الطرقات وآلامها، لفت نظره صورة تقول: “تعلَّم البرمجة مجاناً وحقق كل أحلامك” ثوان قليلة لم يحتج طارق لأكثر منها ليعرف أن كل ما ينقصه من معارف وحِيَل كي ينتهي من تطبيقه سيتعلَّمه في غضون أشهر قليلة.
270 مرحلة لتعلُّم الإنجليزية عن طريق التفاعل والتعليم المحفِّز، 270 مرحلة من بديهيات اللغة إلى القواعد الأكثر تشعُّباً، كلّها أخذت من طارق ليالي طويلة من السهر والتفكير والبحث والتصميم.
“كانت المبادرة إلى جانبي، رافقني المدربون لساعات طويلة، سهروا معي مرات كثيرة حتى أحلَّ مشكلة اعترضتني أو كي أنتقل إلى مرحلة أكثر تقدماً، حين كنت أصحو بعد ليل عمل طويل، لم أكن أصدّق أنني أنا، طارق الذي كان يشعر بالعجز، استطاع أن يُنهي كل هذا، دون أن يدفع فلساً واحداً”.
بين المسارات التي درسها في مبادرة مليون مبرمج عربي، لا يستطيع طارق أن يختار الأفضل أو الأسهل أو الأهم بالنسبة له، فهو الذي ارتبط عاطفياً بهذه الدروس على حدِّ قوله، شبَّهها بالسفينة التي استطاع من خلالها إنقاذ جيل من الشباب اليمني، ظنَّ أن الغرق قدره المحتوم!