حسيبة منصيت
المغرب
منذ أكثر من عشرين عاماً وحسيبة تسجّل عشرات الانتصارات يوميّاً، انتصارات في وجه الخوف، في وجه التردد، وأعظمها في وجه العتمة. كانت في عمر الثلاث سنوات، حين أوكلت عينيها مَهمة البصر إلى حواسها الأخرى، قليل للسمع، قليل للمس، والباقي لقلب عشق الحياة.
واليوم، باتت حسيبة تدرك جيداً أنّ المعجزة ليست في حلّ المشكلة أو زوالها، بل قد تكون أحياناً في القرب منها والتصالح معها. ومنذ صغرها، ساندا والدا حسيبة ابنتهما الوحيدة، رسما لها عالماً يزهو بالألوان، يتّشح بالأمل والأحلام، فأدمنت الإيجابية وتخطّي العقبات.
كلّ تفاصيل حياة حسيبة، أمثلة حيّة على قدرة القرار في وجه القدر؛ شهادة الماجستير في اللسانيات، العود الذي تعزف عليه، كذلك الكتب السمعية التي استخدمتها لتتعلم اللغة الإنجليزية من خلالها.
ولكن لسنوات عديدة لم تكن الفرص تستجيب لحماسة حسيبة ولا لجهودها، ورغم شهادتها اصطدمت حسيبة بالبطالة والأفق المسدود؛ فالوظائف المتاحة لأصحاب الهمم لا تزيد عن 50 وظيفة سنوياً، والمجالات المحددة أصلاً لا تتناسب مع أحلامها.
تقول حسيبة: “المرّة الأولى التي شعرت فيها أنني جزء من المجتمع، وأن كل ما بذلته من جهود نفسية واجتماعية وأكاديمية أثمر فعلاً، كانت في عام 2018 عندما سجّلت في مبادرة مليون مبرمج عربي، ونلت شهادات في أربعة مسارات إضافةً إلى شهادة النانو ديجري”.
هكذا بدأت قصّة حسيبة مع البرمجة، ولكن النتيجة كانت أضعافاً مضاعفة من الإيجابيات التي لا تتوقّف عند العمل وحده، بل كانت أدوات تقنية تسّهل حياتها اليومية، ومجتمعاً جديداً يقدّم الدعم دون مقابل، وغداً مشرقاً يفي بوعوده!