أكد خبراء المستقبل المشاركون في الجلسة النقاشية التي عقدت تحت عنوان “الفجوة الرقمية.. أزمة عالمية جديدة” ضمن فعاليات اليوم الأول لــ “منتدى دبي للمستقبل”، وجود مؤشرات مشجعة على أن الجهود المبذولة في مجال سد الفجوة الرقمية بين المجتمعات تؤتي ثمارها، وأن جيل الشباب مؤهل جيداً ومتحمس لوضع حلول مبتكرة في مجالات مثل المهارات الرقمية لمجابهة التغيرات المناخية وتعزيز الابتكار وغيرها من الأنشطة الحيوية التي ترتبط بمستقبل الاجيال.
وخلال الجلسة النقاشية التي تحدث فيها كل من د. إيفا ماري مولر ستولر، المتخصصة في البيانات والذكاء الاصطناعي من “إرنست أند يونغ”، وجبنجا سيسان، المدير التنفيذي، مبادرة “باراديغم”، وفيلاس دار، رئيس مؤسسة “باتريك ج. ماكغفرن”، وأنكا بوغدانا روسو، مديرة القطاع العام، في مختبرات “سي لابز”، وأدار الحوار د. ماكس دي لوك، من جامعة بيرمنغهام.
وأكد المشاركون على دور التقنيات الرقمية في تعزيز قدرة المجتمعات على اكتساب المعرفة وفتح آفاق الفرص الاقتصادية أمامها، مشيرين إلى أن التقنيات الرقمية تأتي في مقدمة عمليات التنمية وتوفر فرصة فريدة للبلدان لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي وربط أفراد المجتمع بالخدمات وفرص العمل. وان الحاجة لسد هذه الفجوة تزداد في وقت الأزمات لأن التقنيات الرقمية تبقي الناس والحكومات على اتصال مباشر، ويمكنها ذلك من إطلاق حلول مبتكرة للتحديات المعقدة ومساعدة افراد المجتمع على تجاوز المراحل التقليدية للتنمية من الخدمات المصرفية الرقمية إلى تقنية البلوك تشين وغيرها من الخدمات المهمة.
وقال المشاركون في الجلسة النقاشية إن سد الفجوة الرقمية يلعب دوراً مؤثراً في إدارة المخاطر المحتملة التي قد تواجهها الإنسانية، وأن البلدان النامية أو الأسواق الناشئة يصعب عليها بدون الأدوات التي تساعدها على الابتكار، أن تلحق بركب البلدان المتقدمة التي تتميز بتقدمها التكنولوجي. ففي نهاية عام 2021، كان نحو 3 مليارات شخص لا يزالون خارج شبكة انترنت، كما أن الفجوة الرقمية بين الجنسين ما زالت قائمة.
وأكد المتحدثون، بحضور نخبة من خبراء ومصممي المستقبل، أن عدداً كبيراً من سكان الأرض بحاجة ماسة للاتصال بالأنترنت وسد فجوة الاتصال التي تعاني منها في قطاعات حيوية مثل التعليم، فمن غير المنطقي أن تبلغ نسبة المدارس التي يصلها الإنترنت فقط 20% من نسبة المدارس العالمية. وتشير الحقائق على سبيل المثال أنه لم يكن بالإمكان الوصول إلى ثلث الأطفال على مستوى العالم للتعلم عن بعد أثناء أزمة كوفيد – 19، لأنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الإنترنت في المنزل.
كما أوضحوا أن الممارسات العالمية للتنمية الرقمية تعمل جنباً إلى جنب مع الحكومات للمساعدة في إرساء أسس قوية لازدهار الاقتصاد الرقمي، حيث بدأت التكنولوجيا في إحداث ثورة في مسار الاقتصاد العالمي، بدءاً من الحوسبة السحابية إلى الذكاء الاصطناعي، وبغية تحسين الآفاق الاقتصادية لتنمية بلدان العالم ولمنع زيادة التفاوت، يتعين على واضعي السياسات في البلدان النامية أن يأخذوا بجدية أثر الفجوة الرقمية على الاقتصادات المحلية وعلى الوضع الاقتصادي العالمي لبلدانهم.
وأشار الخبراء المشاركون في الجلسة، إلى أن الفجوة الرقمية آخذة في الاتساع بوتيرة متسارعة، مع اقتراب الاقتصادات المتقدمة والناشئة من الفرص الجديدة والناشئة للتكنولوجيا، وتأثيراتها لم تعد محصورة بالنطاق المحلي.. حيث بات العالم يعيش مصيراً مشتركاً في كافة القضايا.. وأزمة سلاسل التوريد التي تواجه العالم أكبر مثال على ذلك.. فهي لم تبقَ محصورة في دول بعينها، بل امتدت لكل دول العالم.
وأضاف المشاركون أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تسريع عملية الرقمنة في جميع أنحاء العالم، ولكن الفجوة الرقمية فاقمت أوجه عدم المساواة في تأثير الجائحة. فالعديد من آليات مواجهة الجائحة اعتمدت على التحول إلى طرق وأساليب تستخدم الإنترنت، واستبعدت الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت من هذه الآليات وبالتالي أصبحوا أكثر عرضة لتأثير الجائحة وتداعياتها الاقتصادية.
وحول التساؤل عن سبل سد الفجوة في الاتصال والقدرة على المنافسة، أكد المشاركون في الجلسة، أن الابتكارات الرقمية تغير طبيعة العمل تغييراً جذرياً، ومن أجل المنافسة في الاقتصاد الرقمي، يتعين على الحكومات حول العالم إعطاء الأولوية لسد الفجوة الرقمية وبناء المهارات لأفراد المجتمع.
كما دعا المشاركون في الجلسة إلى ضرورة وضع برنامج عمل عالمي مشترك لسد الفجوة الرقمية، باعتباره يمثل محوراً اساسياً للحد مما أطلقوا عليه (الفقر الرقمي)، وذلك من خلال الدخول في شراكات لتبادل أفضل الممارسات والتعاون في القضايا التكنولوجية على أساس الكفاءة، إلى جانب تسهيل نشر التكنولوجيا والتكيف معها، واستخدام حقوق الملكية الفكرية لتيسير حصول الجميع على الابتكارات بشكل متساوٍ، ووضع آليات جديدة لنقل المعرفة والمهارات.
وخلص المشاركون في الجلسة إلى أن العالم يعيش مرحلة تحول وهو أمام فرصة حقيقية لسد الفجوة الرقمية بشكل متكافئ، وأن نهج الحكومات المفتوحة التي ترتكز على المكون التكنولوجي الرقمي ستكون الطريق لاستفادة الجميع من التحول الرقمي.
منتدى دبي للمستقبل
ويجمع “منتدى دبي للمستقبل” المنعقد تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، أكثر من 45 مؤسسة عالمية لاستشراف المستقبل وأكثر من 400 من خبراء ومصممي المستقبل في العالم في “متحف المستقبل”. ويتضمن جدول أعمال المنتدى 30 جلسة نقاشية وحوارية يشارك فيها 70 متحدثاً، و45 مؤسسة عالمية.